حكاية ماقبل النوم
صفحة 1 من اصل 1
حكاية ماقبل النوم
[size=25]حكاية لما قبل النوم
كان
يا مكان في قديم الزمان, كان هناك غابة كبيرة يعيش بها أسود كثير وكان
بينهم أسد عجوز سيء المعشر خبيث الطباع, في يوم أراد أن يسود عليهم ويكون
البطل فاجتمعوا عليه وضربوه وطردوه وعلمه بعضهم ما يكون الأدب..
فظل يسير أياما وليال إلى أن وصل إلى غابة خضراء يعيش بها بعض الضعفاء في سعادة ورخاء, فسأل واستعلم: ألهذه الروضة من ولي؟
يا مكان في قديم الزمان, كان هناك غابة كبيرة يعيش بها أسود كثير وكان
بينهم أسد عجوز سيء المعشر خبيث الطباع, في يوم أراد أن يسود عليهم ويكون
البطل فاجتمعوا عليه وضربوه وطردوه وعلمه بعضهم ما يكون الأدب..
فظل يسير أياما وليال إلى أن وصل إلى غابة خضراء يعيش بها بعض الضعفاء في سعادة ورخاء, فسأل واستعلم: ألهذه الروضة من ولي؟
فأجابوه : بحمد الله لها ثلاثة ومن عاث في هذه الأرض فسادا فلن يكون إلا غبيا أو شقي !
فقال : قربوني من سادتكم فأنا في أمور السياسة والحكم عالم جلي,
فضيفوه وأكرموه وبعد ذلك إلى سادتهم صحبوه, فوجد نفسه أمام ثلاثة ثيران !
فقلل من شأنهم وقال : هذا يوم سعدي وأنا أمامكم الغالب..
فماكان إلا أن أحاطوا به فكان أول منسحب هارب !!
فحاول
وحاول وفي كل مرة ينسحب . وهو جريح أخذ يفكر ويدّبر كيف يقبل معهم ولا
يدبر, وهم لهم قرون وبأصول الرد والنطح عارفون, ففطن إلى أن قوتهم في
كونهم أمام المعتدي متحدون وبالحب والتفاهم مجتمعون, ولو كانوا في ألوانهم
مختلفون.. فكان أجملهم أبيض وأطيبهم أحمر وأرعنهم أسود..
- ماما غيري ألوانهم هذه المرة, اجعليهم هذه المرة بالأصفر والأخضر والأزرق !
- حبيبي !
لهذه الألوان معنى فعندما كتب ابن المقفع هذه القصة كان يرمز بالثيران إلى
راية هند ابنة الملك النعمان ابن المنذر, جاءوا من اليمن وحكموا في
العراق..
هند جمعت
القبائل العربية تحت راية تحمل الألوان الأربعة لراياتهم وهي الأحمر
والأبيض والأسود والأخضر استطاعت بهم ومعهم أن تنتقم من ملك شرير أهان
والدها وقتله.. أسمه كسرى..
- وماذا فعلوا بعد ذلك؟
- تفرقوا من جديد وعادوا
واجتمعوا ثم تفرقوا واجتمعوا إلى أن تفرقوا وتفرقوا وظن الكثير أنهم أخيرا اجتمعوا.. ثم تفرقوا !!
- أكملي يا ماما ! ماذا فعل الأسد بعد ذلك؟
- راح يراقب فيهم ويراقب.. إلى أن علم من منهم للفرقة طالب. كان الثور الأسود في الغالب عنهم يبتعد, والغيرة في عينيه لا تكذب !!
فقد كان الثور الأبيض والأحمر متفاهمان ولأسرارهما يقتسمان, وحين يحضر الثور الأسود يصمتان..
فالكل يعلم أن الثور الأسود هدَار وثرثار وليس بحافظ للأسرار !!
فانتظر الأسد إلى أن ابتعد الأسود وغاب عن الأنظار, فاتجه إليه وسلم وقال:
- يا صديق أراك في حزن وضيق !
- إليك عني وفارق, فما أنا مع مثلك يا ذا الأنياب بما في صدري ناطق !!
-أحزنني ما أحزنك ياصح, علمت أنك يا مسكين مظلوم !
ومن الكسرة التي في عيناك أدركت أنك ثور مهموم.. فانهض وسلم أمرك لي, أعلو بك وتعلو بي فأكون أنا الملك وأنت لي وزير !
فمن ساعتها لا يطلب صحبتك وجوارك وأنت مدبر ملكي وحافظ أمري؟ !!
فما افترقا
إلا وهما على الغدر متفقان, وعلى الوفاء لبعضهما يقسمان فما كان من أمرهما
إلا انتظروا الثور الأبيض عن صاحبه وقد ابتعد.. فاستطاعوا بالحيلة أن
يستدرجوه, فأجهزوا عليه.. وذبحوه !
فقدم الثور الأسود على الأحمر فوجده على صاحبه الذي لم يرجع قلقا, مهموم.. فاقترب منه وقال:
-لا تقلق ياصح ! فما يلبث أن يرجع, فأنت تعرف أنه ثور محبوب ولعل أحدهم لوليمة دعاه, فما هو بصغير حتى تقلق وهكذا تصير !
وفي الصباح
رفعت رايات الحداد, وتعالت الأصوات بالبكاء والنواح تطاير الوبر بندبهم في
كل اتجاه.. وجدوا ثورهم مذبوح, وبقرون الغدر صار دمه مسفوح.. فما كان من
الثور الأسود إلا ان لبس ثوب الحزين وتقدم الجنازة كالمسكين وهو يخور
وينوح:
- قتلوك يا حبيبي قتلوك ! وبالغدر أخذوك, فما أنا عن
لبس السواد بمنتهي حتى أخذ بثأرك.. أو أرافقك إلى قبرك !
مر يوم واثنان والثور الأحمر تائه حيران فمن في الغابة كلها له قرون إلا هو.. وصاحبه !
فماذا حصل
في الدنيا حتى يبيع الثور أخاه, فيخون ويقتل, و يتآمر ويغدر. لكنه كان
يتراجع عما شك فيه وفكر كلما جاءه صاحبه وحالته من الحزن تتدهور فهو مند
أيام لا يأكل أمامه ولا يشرب كل الليل في المرحوم يرثي وباسمه ينوح في
الغابة. يبكي يستبكي.. فرثى لحاله الخلق وحوله اجتمعوا, فصار بوفائه لذكرى
صديقه رمزا وزعيم فكان لا يعقد أمر إلا وهو أول حاضر, ولا يحتكموا لشيء
إلا كان مطاعا آمر.
وفي يوم كان مع صاحبه الأحمر جالسان, فإذا بالأسد قد حضر.. وهو في مشيته يتبختر. وفي عينيه عزم وبعض شماته فسلم عليهما وقال:
- بلغني أن صاحبكما قد مات, فجئت معزيا.. أحسن الله عوضكما فيه.
أجابه الأحمر وقد قرأ قي عينيه ما قرأ :
- عظم الله أجرك.. وبالفرحة لا تعجل, فإن ذهب واحد بقي اثنان !
- بل بقي واحد .. أنت ياصاح !! ونحن أمامك اثنان, ولن تجد عندي وصاحبي إلا الموت !!
فاجتمع
الاثنان على الثور المسكين وهو يخور وبالخلق يستنجد ويستغيث, لكنهم لم
يصلوا إلا وجسده قد مزق وفي كل جهة فرّق, فما تبينوا الدم من اللحم,
فستنكر الخلق ما حل بالمسكين فاجتمعوا على ثورهم في حرقة يسألوه:
- ما ألفنا الدم في أرضنا يا أسود, وما أنت أمام ما نراه ببريء !
فقرناك بالدم تقطران وما هذا التمزيق بفعلة ثيران..
- بل فعلتي
يا قوم, واشهدوا على فأنا لفعلتي لا أنكر فانتم علمتم أني وعدت ووعدي
بمشيئة الله كان مفعول.. هذا الذي سفكت دمه سبقني وسفك دم صاحبي.. فهل
تستنكرون علي فعلتي وقد عاهدتموني على ثأري؟ !!
وصدقوه..
وبما أتى عظموه وعلى الطاعة بايعوه.. فقدم على الأسد ليعلمه بما كان منه
وما صار. وراح يذكره بقسمه بوعده وعهده.. وأنهما على الأمر اثنان ! فضحك
الأسد وقال:
- على الغدر يجتمع اثنان.. لا على السلطان !! وهو لا يكون إلا لواحد.. الأقوى ! فما ترى؟
- لن تسود إلا بي.. فالبيعة لي ! والخلق يأتمرون بأمري !
- أحمق !!
من قال إني أريد بيعتهم ورضاهم؟ !! فقد صار الأمر لي وعليه الآن أحد لن
ينازعني !!!! ولا أخفي عليك أني مند رأيتك اشتهت نفسي لحمك, والآن فقط
سأهنئ بتمزيقك كما أريد وأكللك !!
وليكن لك شرف ذلك.. ستكون أول ما أفترسه على هذه الأرض التي صارت وما عليها ملكي وبأمري !!
- لكن كيف
تفعل هذا بي وأنا من باعك حبيبا وصديق.. وصار لك تابعا وحليف؟!! وإن كان
السلطان لك الآن فأنت بحاجة مخلص مثلي يكون لك تابعا وخادم, فانظر في أمري
بالعفو فأنا برحمتك طامع..
- من باع أخاه باع غيره !! وما أنا بحاجة خادم غدّار , طامع.. وما كنت عندي إلا وسيلة لكي أسود وأفرق.. وقد سدت وانتهى الأمر !!
فانقض عليه وانتهى معه زمن الثيران, فصارت الأرض غير الأرض, وانقضى
زمن الأمين الأمان, وصار كل طريد فاسد يحط رحاله فيها ويقدم للأسد الطاعة والولاء..
- حبيبي.. نمت ! نوما هنيئا.. وأحلاما سعيدة..
وضعت
الكتاب جانبا, وهي تحاول أن تفهم لما يصر صغيرها الذي لم يتجاوز السابعة
من عمره على أن يسمع نفس الحكاية مند ثلاثة سنوات, فلا أحد يعلم بالتحديد
ما يفكر به الصغار, فحين نكبر ننسى كل حكايات الجدات ولا نتذكر لما كنا
نسمعها بفرحة ونطلب سماع نفس الحكايات كل مرة !![/size]
ابومعجب- عضو مميز
- عدد الرسائل : 208
العمر : 110
الموقع : السعودية
تاريخ التسجيل : 06/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى